رسالة معمر القذافي بمناسبة عيد العمال من الكتاب الأخضر - أضحك للصبح
إن الادخار الزائد عن الحاجة هو حاجة إنسان آخر من ثروة المجتمع .
إن إباحة الإنتاج الخاص للحصول على ادخار فوق إشباع الحاجات ، وإباحة استخدام الغير لإشباع حاجاتك ، أو استخدامه للحصول على ما هو فوق حاجاتك … أي تسخير إنسان لإشباع حاجات غيره وتحقيق ادخار لغيره على حساب حاجاته هو عين الاستغلال .
إن العمل مقابل أجرة ، إضافة إلى كونه عبودية للإنسان كما أسلفنا ،هو عمل بدون بواعث على العمل لأن المنتج فيه أجير وليس شريكاً .
إن الذي يعمل لنفسه مخلص في عمله الإنتاجي دون شك ، لأن باعثه على الإخلاص في الإنتاج هو اعتماده على عمله الخاص لإشباع حاجاته المادية. والذي يعمل في مؤسسة اشتراكية ، هو شريك في إنتاجها ، مخلص في عمله الإنتاجي دون شك ، لأن باعثه على الإخلاص في الإنتاج هو حصوله على إشباع حاجاته من ذلك الإنتاج ، أما الذي يعمل مقابل أجرة فليس له باعث على العمل .
إن العمل بالأجرة يواجه عجزاً في حل مشكلة زيادة الإنتاج وتطويره ، وسواء أكان خدمات أم إنتاجاً فإنه يواجه تدهوراً مستمراً لأنه قائم على أكتاف الأجراء .
أمثلة على العمل الأجير لحساب المجتمع ، والعمل الأجير لحساب خاص ، والعمل بدون أجرة.
المثال الأول : (أ) عامل ينتج (10) تفاحات لحساب المجتمع ، ويمنحه المجتمع تفاحة واحدة مقابل إنتاجه ، وهي ما يشبع حاجته تماماً .
(ب) عامل ينتج (10) تفاحات لحساب المجتمع ، ويعطيه المجتمع تفاحة واحدة مقابل إنتاجه ، وهي أقل من إشباع حاجاته .
المثال الثاني : عامل ينتج (10) تفاحات لحساب فرد آخر ، ويتقاضى أجراً يقل عن ثمن تفاحة واحدة .
المثال الثالث : عامل ينتج (10) تفاحات لنفسه .
النتيجة :
الأول (أ) لن يزيد من إنتاجه لأنه مهما زاد فلن يناله شخصياً منه إلا تفاحة واحدة وهو ما يشبع حاجاته . وهكذا فكل القوى العاملة لحساب المجتمع متقاعسة باستمرار نفسياً - تلقائياً . الأول (ب) ليس له دافع للإنتاج ذاته لأنه ينتج للمجتمع دون أن يحصل على إشباع حاجاته ، ولكنه يستمر في العمل بدون دافع ، لأنه مضطر إلى الرضوخ لظروف العمل العام في كل المجتمع . وتلك حالة كل أفراده . الثاني : لا يعمل لينتج أصلا ، ولكنه يعمل ليحصل على أجرة ، وحيث إن أجرته أقل من الحصول على حاجته، فهو إما أن يبحث عن سيد آخر يبيع له عمله بثمن أفضل من الأول ،
وإما أن يضطر إلى الاستمرار في العمل ليبقى على قيد الحياة . أما الثالث : فهو الوحيد الذي ينتج دون تقاعس ، ودون إجبار . وحيث إن المجتمع الاشتراكي ليس فيه إمكانية لإنتاج فردي فوق إشباع الحاجات الفردية ولا يسمح بإشباع الحاجات على حساب أو بواسطة الغير، وإن المؤسسات الاشتراكية تعمل لإشباع حاجات المجتمع . إذن ،المثال الثالث يوضح الوضعية السليمة للإنتاج الاقتصادي ، بيد أنه في كل الحالات - حتى السيئة منها - يستمر الإنتاج من أجل البقاء .
وليس أدل على ذلك من أن الإنتاج في المجتمعات الرأسمالية يتراكم ويتضخم في يد المالكين القلة والذين لا يعملون ولكن يستغلون جهد الكادحين الذين يضطرون إلى الإنتاج ليعيشوا .إلا أنّ الكتاب الأخضر لا يحل مشكلة الإنتاج المادي فقط بل يرسم طريق الحل الشامل لمشكلات المجتمع الإنساني ليتحرر الفرد مادياً ومعنوياً تحرراً نهائياً لتتحقق سعادته .
من الكتاب الاخصر