انتهى من نقل المصابين.. وأنقذ فتيات من أيدى الجنود.. وسقط شهيدًا على باب المسجد
الشهيد محمد ميلاد
نهى عاشور
«عايزك تكون راجل وتكمل من بعدى، احموا الميدان» آخر وصية أوصى بها الشهيد محمد ميلاد شقيقه حسين قبل ساعات قليلة من وفاته صباح امس الأول، داخل مستشفى المعادى للقوات المسلحة. محمد ميلاد، الشهير وسط أصدقائه واهله بـ«حيرم»، الذى استشهد بعد يوم من إصابته بطلق نارى فى الرقبة «خرج من العمود الفقرى ، وأدى إلى تهتك أجزاء من المخ أثناء اقتحام الجيش لميدان التحرير» ، لم يصدق اصدقاؤه الخمسة امام مشرحة زينهم انه مات.
محمد الذى يعمل مهندسا للرى ، كان جاء من محافظة البحيرة إلى الميدان وشقيقه حسين، الشهير وسط ميدان التحرير بـ«كاريوكى» والذى يروى عن الشهيد : «مافيش واحد من الثوار ما يعرفش حيرم، كان أخو كل الموجودين»، يتذكر كاريوكى الساعات الأخيرة قبل إصابة شقيقه بطلق نارى فى الرقبة: شقيقه «راح اشترى كارت شحن للموبايل.. كلم كل أهلنا وأصحابنا.. سلم عليهم وكان فى كل مكالمة يقولهم: لاإله إلا الله.. كان حاسس انه هيموت».
كانت الثالثة من فجر أمس الأول ، الهدوء يسيطر على الميدان ، فجأة الجيش يبدأ الهجوم على الميدان ،والمستشفى الميدانى ، ويلقى القبض على عدد من الفتيات..
مشهد الميدان لحظة الهجوم لم يغيب عن ذاكرة كاريوكى: «محمد نادانى وقالى اجرى على المستشفى الميدانى بجانب مسجد عمر مكرم لإنقاذ الفتيات والمصابين.. هناك.. كان العساكر ماسكين بنتين جريت عليهم أنا وهو ، وحاولنا ننقذ البنات من أيدهم». شد وجذب بين الجنود وحيرم وكاريوكى لإنقاذ الفتاتين: «العساكر ضربونى أنا وهو على راسنا بالعصى ، لكننا قدرنا ناخد منهم البنات.. العساكر بعدها انسحبوا من الميدان وعاد الهدوء مرة ثانية إلى قلب التحرير، بعد أن وقع عدد كبير من الإصابات والدم انتشر فى كل مكان، وكان حيرم يحمل المصابين حتى أغرق الدم ملابسه».
«ينطلق أذان صلاة الفجر من داخل مسجد عمر مكرم، يعتزم مجموعة من الشباب الذهاب إلى الصلاة ، يطلب حيرم قليلا من الماء لتطهير ملابسه من الدم.. وبعدها تحرك الشباب المعتصم فى الميدان فى اتجاه مسجد عمر مكرم.. وعلى سلالم المسجد يستأنف الجنود هجومهم للمرة الثانية ، ويسقط حيرم شهيدا، سالت دماؤه على سلالم المسجد.. نظر الشباب إليه ليجدوه يردد الشهادتين».
ويطلب حيرم من أخيه أن يستمع له جيدا، ليحفظ وصيته الأخيرة: «ماحدش يصوت عليا، وماحدش يعملى عزا، كمل المشوار من بعدى وماتسبش الميدان.
ويتابع: «هناك لفظ أنفاسه الأخيرة، طلبت منى إدارة المستشفى أن أوقع على محضر تقرير عن حالته ، المحضر مكتوب فيه الإصابة ادعاء طلق نارى.. فى البداية رفضت التوقيع وطلبت تغيير كلمة ادعاء، لكنهم أصروا ، وقالوا لى أمضى عشان تعرف تاخد أخوك وتمشى، لم يكن أمامى غير التوقيع لأتوجه به إلى مشرحة زينهم.. أخويا مات وكان لازم أدفنه».
http://www.mix2m.com/2011/12/blog-post_2273.html